روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | الواقع بين الدين والسياسة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > الواقع بين الدين والسياسة


  الواقع بين الدين والسياسة
     عدد مرات المشاهدة: 4942        عدد مرات الإرسال: 0

غلب في المُدَّة الأخيرة على ألسنة بعض الدعاة المسلمين وغير الدعاة المسلمين شعار فصل السياسة عن الدين، وأن الدين نهج والسياسة نهج آخر، ورافق هذا الشعار شعار آخر هو دولة دينية ودولة مدنية وشعار آخر عمَّ كثيراً وهو الديانات السماوية، ودين الله، دين الإسلام، دين جميع الأنبياء والمرسلين يبرأ من هذه الشعارات كلها ومن هذا التقسيم.

فالإسلام هو الدين الحق من عند الله، الدين السماوي الوحيد الذي بَعثَ به الله جميع الأنبياء والمرسلين ليبلغوه ديناً واحداً إلى عباده ليعبدوه به، فالله واحد لا شريك له، ودينه واحد هو الإسلام، وهل يُعقل أن يبعث الله لعباده رسلاً بأديان مختلفة يتصارعون عليها؟!! وكيف تكون عبادته حينئذٍ؟!

فالإسلام هو الدين الحق، والدين السماوي الوحيد، لتلغى جميع المصطلحات المغايرة لهذا المصطلح الحق الوحيد، ولذلك بعث الله لعباده هذا الدين ديناً متكاملاً جليّاً ميسَّراً للذكر، حتى يسهل على عباده أن يتَّبعوه في جميع مجالات حياتهم من إقتصاد وسياسة وإجتماع وغير ذلك من شؤون الحياة الدنيا ومن شؤون الدار الآخرة، فلا يمكن فصل السياسة عن الإسلام، ولا الإقتصاد عن الإسلام، ولا أي ميدان من ميادين الحياة الدنيا الأخرى كالقضاء والتربية والإعلام وغير ذلك.

ولما قامت دولة الإسلام أيام النبوّة الخاتمة محمد صلي الله عليه وسلم، طبَّق الرسول صلي الله عليه وسلم الإسلام كلَّه في جميع نواحي الحياة: الإجتماعية والإقتصادية والعسكرية والسياسية والتربوية من خلال هذا النهج الرباني المتكامل المتماسك، وكذلك كان الحال عندما تولى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة فقد طبق الإسلام في جميع نواحي الحياة لا يفصل ميداناً عن ميدان، وكذلك فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد طبق الإسلام في كل ميدان من ميادين الحياة صَغُر الميدان أو كبر، وكذلك فعل سائر الخلفاء الراشدين ومن أتى بعدهم، حتى أتت عصور وقع فيها الإنحراف عن دين الله، ووقع فيها التفلّت، ووقع فيها الهجوم والعداء لدين الله.

فالسياسة جزء أساسي من الإسلام لا ينفصل عنه أبداً وكذلك الإقتصاد والإجتماع والتربية والإعلام وغير ذلك من ميادين الحياة، وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز في كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، في منهاج الله كما جاء باللغة العربية، ديناً حقّاً متكاملاً متماسكاً متناسقاً جامعاً لكل شؤون الدنيا والآخرة جمعاً لا يقدر على الإتيان به إلا الله سبحانه وتعالى، ولا هو متوافر إلا في منهاج الله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:82]، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء:59]، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ۚ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}       [الأنعام:38].

وفي الآية السابقة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ.. } نلاحظ هذا التعبير الشامل الجامع المعجز في قوله سبحانه وتعالى: {.. فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ... }! فجاءت كلمة {فِي شَيْءٍ} لتشمل وتعممِّ ولا تترك شيئاً جاءت في صيغة النكرة لتحقيق هذه الغاية من الشمول والتعميم.

ولكن تطبيق هذا الشمول يتطلب من الإنسان المؤمن جهداً حقيقياً حتى يتحقق في واقع الحياة. وأول الجهد هو صدق الإيمان والتوحيد وصفاؤهما، وثانيهما إتقان العلم بمنهاج الله قرآناً وسنة ولغة عربيّة، وثالثهما دراسة الواقع البشريّ من خلال منهاج الله، وردّه إلى منهاج الله ردّاً أميناً لا يفسده هوى ولا إنحراف عن دين الله الحق، فإذا تحققت هذه الشروط في المؤمن، فيمكن أن يعالج هذا الواقع ويضع له حلولاً في نطاق وسعه الصادق الذي وهبه الله له، لا وسعه الكاذب، الذي قد يدّعيه، فيقف كل مؤمن عند حدوده وحدود وسعه الصادق، وتتعاون الأمة المسلمة في رعاية مواهبها، ووسع أبنائها رعاية إيمانية منظمة يقف فيها كل مؤمن عند حدوده.

بهذا التصور ومن خلال الآيات السابقة يستطيع المؤمنون أن يعالجوا كل قضية من خلال الوسع الصادق والإيمان الصادق والعلم الصادق بمنهاج الله، ويتحقق قوله سبحانه وتعالى: {.. فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

ولكن تبقى هناك أمور في الحياة الدنيا تبدو وكأنها لا تخضع لما عرضناه، وهي في الحقيقة خاضعة للحكم الشامل الذي عرضناه. ونضرب على ذلك مثلاً من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم: فعن عائشة رضي الله عنها وعن ثابت، وعن أنس أنّ النبي صلي الله عليه وسلم مرّ بقوم يلقحون فقال: «لو لم تفعلوا لصلح»، قال فخرج شيصاً وهو البسر الردئ إذا يبس صار خشفاً. فمرّ بهم فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا كذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم»!

نعم كلُّ مختصُّ بأمر من أمور الدنيا إختصاص ممارسة وتطبيق مستمر فهو إعلم بهذا الأمر، لأنه كان خلال ممارسته له يطبّق دينه، ويطبّق قاعدة رئيسة في الدين، وهي وجوب البحث والدراسة والنظر في الواقع، كلٌّ في ميدان اختصاصه، وقاعدة الأمانة والإِتقان، كما جاء في حديث رسول صلي الله عليه وسلم: عن عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: «إن الله يحبُّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، وكذلك الحديث عن كليب: «إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن»، فالمؤمن يطبق دينه في كل أمور حياته، وهو يراقب ربّه ويخشاه.

هذه هي القاعدة الرئيسة في ممارسة منهاج الله في واقع الحياة، ذلك أن يَدرس الواقع ويردّه إلى منهاج الله ردّاً يقوم على صفاء الإيمان وصدقه وعلى صفاء العلم بمنهاج الله وصدقه، ثم يُخْرَجُ من ذلك بالحكم والرأي، وفي كل خطوة من الخطوات الثلاث المذكورة يفكّر تفكيراً إيمانيّاً، فعسى الله أن يهدي قلبه، فالأمر كله متعلق بهداية الله لعبده إِذا علم الله في عبده صدق الإيمان وصفاءه، والتفكير الإيماني يهبه الله لعبده بفضله ورحمته إذا علم الله في عبده الصدق والصلاح والإيمان والتقوى. فالأمر كله متعلق بمشيئة الله وهدايته!

{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ*وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ*اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التغابن:11-13]، ذلك أن أمام إجتهاد الإنسان في دراسته للواقع، وفي ردّه إلى منهاج الله، إبتلاء من الله سبحانه وتعالى ليمحّص المؤمنين ويمحق الكافرين، ولتقوم الحجّة على كل إنسان: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ*وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:140-141]

إن الإبتلاء سنة من سنن الله الثابتة، وتوالت آيات كثيرة في كتاب الله لتؤكد هذه الحقيقة الرئيسة، وليعلم المؤمن أنه مكلّف ومبتلىً وأنه سيمحصه الله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:142]، ذلك ليعلم المؤمن قبل أن يعطي رأيه أنّه مبتلىً وممحّص، وأنه عليه أن يستوثق من رأيه وموقفه، وأن لديه الحجّة والبيّنة على سلامة رأيه وموقفه ببيِّنة من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم. فالمؤمن مكلف بممارسة منهاج الله في شؤون حياته كلها، صغيرها وكبيرها، فلا يقرب إلا ما كان في حدود وسعه الصادق وأمانته.

وليس الفرار من المسؤولية التي عليه والتي عليه أن يقوم بأعبائها وسيلة للتخلّص من تلك المسؤولية، فالمسؤولية هي بين يدي الله وعليها الحساب يوم القيامة عن جميع ما عمله قل أو كثر، صَغُر أو كبر: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47]

نعم! {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ... }! فالإنسان مسؤول ومحاسب عن كل عمله، ولا نجاة إلا إذا كان مارس منهاج الله في عمله وصَدقتْ نيّته وصدق عمله.

ونعيد الخلاصة والقاعدة الرئيسة ألا وهي أن المؤمنين مكلفون بممارسة منهاج الله في جميع ميادين الحياة التي يطرقونها، فمنهاج الله جاء من عند الله تاماً كاملاً متناسقاً شاملاً لميادين الحياة الدنيا والآخرة، حتى يكون الحساب يوم القيامة حساباً حقاً لا ظلم فيه، والحمد لله رب العالمين، ويمكن أن نذكر بالقاعدة الرئيسة وهي أن الممارسة الإيمانية تقوم على ركنين أساسيين: المنهاج الرباني والواقع، وهما يقومان على القاعدة الصلبة: الإيمان والتوحيد.

ومن هنا نرى أن المسلمين الأوائل فكروا وأنتجوا أموراً كثيرة في الواقع، ومن علوم في الطب والرياضيات والضوء وغير ذلك، والمسلمون اليوم يجابهون فشلاً واسعاً في ميدان الحياة ذلك لإبتعادهم عن منهاج الله علماً وممارسة إيمانية.

وقد أمر الله رسوله صلي الله عليه وسلم بإتباع ما أنزل إليه من ربه، أمراً متكرراً مؤكداً، كما أمر عباده المؤمنين بذلك، وكما نرى من خلال الآيات البينات التالية:

ـ وجوب اتباع ما أُنْزِل من عند الله وعدم اتباع أولياء من دونه {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3].

{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام:106].

{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يونس:109].

{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [الأحزاب:2].

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ...} [آل عمران: 31].

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء:125].

{... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ} [طه:123].

{قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].

{... ۚ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ۚ هَٰذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:203].

{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:50].

{... وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}               [البقرة:120].

{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ ۙ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [الأنعام:56].

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة:48].

{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}          [المائدة:49].

{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَا ۖ فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ ۚ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام:150].

{فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [الشورى:15].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا ۚ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء:135].

{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}              [الزمر:18].

{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].

{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162-163].

{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ...} [الأنعام:164].

{... ۚ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ ۙ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [الأنعام:56].

{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف:43-44].

{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف:170].

{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ}             [الأنعام:90].

وتبقى أهم وسيلة للمجرمين في الأرض  أعداء الله  في حربهم ضد الإسلام هي محاولة فتنة المؤمنين عن دينهم بمختلف الوسائل من إغراء وإكراه وغير ذلك، وقد بدأت هذه المحاولة مع رسول الله صلي الله عليه وسلم من المشركين، ولكنها محاولة فشلت، كما نرى في الآيات التالية: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا* وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا*إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}  [الإسراء: 73-75]

ومضى المجرمون يتبعون هذا الأسلوب مع المؤمنين ليفتنوهم عن دينهم، وقد أصابوا حظّاً كبيراً من النجاح في إثارة هذه الفتنة مع مضي التاريخ حتى يومنا هذا، حيث نرى عدداً كبيراً من الشعارات طغت على ألسنة كثير من الدعاة المسلمين، شعارات مغايرة للإسلام يزخرفونها بمصطلحات عدّة: مثل الديمقراطية، والإشتراكية، والحداثة، والعلمانية، والعولمة وأمثال ذلك من المصطلحات التي طغت على الألسنة والعقول بين كثير من المسلمين، حتى إن بعضهم إنسلخ من الإسلام وصار إشتراكياً أو شيوعياً أو ديمقراطياً أو علمانياً وغير ذلك، وبعضهم مزج هذا بذاك فضلَّ وأضلّ، وقد طغت هذه الفتنة في الآونة الأخيرة حتى طغى مصطلح الديمقراطية واختفى شعار الإسلام عند الكثيرين.

ومنهم من أخذ يقول إن الديمقراطية من الإسلام، والإشتراكية من الإسلام، والعلمانية من الإسلام، وقس على ذلك، فضلوا وأضلوا، وحسابهم عند الله.

لقد أصبحت الفتنة واسعة بين المسلمين وإمتد خطرها وقسمت الناس شيعاً وأحزاباً، فوهنت الأمة وإمتدَّ بينها القتال والصراع المحموم، وتنازل بعضهم عن شعار الإسلام، وأخذ يطالب بدولة مدنية لا دينة، وغير ذلك من الإنحرافات التي ضجت بها وسائل الإعلام.

في الإسلام لا يوجد مصطلح دولة دينية أو مدنية، وإنما دولة الإسلام وأمة الإسلام، وقد جاءت هذه المصطلحات الغريبة من تاريخ الكنيسة في أوروبا وصراعها مع المجتمع في مراحل متعددة، حيث اعتبروا أن حكم الكنيسة مع فيه من ظلم هو حكم ديني، وأن المعارضين له طالبوا بحكم لا ديني علماني.

إن القضية الحقيقية بالنسبة لنا نحن المسلمين هو فهم رسالة الله ودينه الذي بعث به جميع الأنبياء والرسل، والأمانة والصدق في تطبيقه وممارسته على الواقع في كل حالة، وفهم الواقع فهماً إيمانيّاً من خلال منهاج الله.

لقد وقعت الحركة الإسلامية في أخطاء كثيرة دون أن تجد النصيحة الأمينة، حتى تراكمت الأخطاء وأدت إلى إنحرافات واسعة وخلل كبير في الفهم والتطبيق في مواقع كثيرة.

إن الإلتزام الصادق الأمين في فهم منهاج الله، وفهم الواقع من خلاله وممارسة منهاج الله في الواقع، شرط أساسي لنجاح العمل، ودون الإلتزام الصادق الأمين تفشل الجهود ويقع الإنحراف وتضلّ الخطى، ومع تراكم الأخطاء يقع الضعف والإنهيار ويقع تداعي الأمم علينا.

الكاتب: د. عدنان علي رضا محمد النحوي.

المصدر: موقع لقاء المؤمنين.